الداء الزلاقي

يعد الداء الزلاقي أو ما يسمى الداء البطني أحد أمراض الجهاز الهضمي، الذي يحدث نتيجة التعرض لمادة الغلوتين (Gluten) الموجودة في الخبز، والمعكرونة، والبسكويت، والأطعمة التي تحتوي على القمح والشعير، وحبوب الشوفان.

عند تناول شخص مصاب بالداء البطني لأطعمة تحتوي على الغلوتين يقوم جهاز المناعة بمهاجمة أنسجة الأمعاء الدقيقة، ما يسبب ضررًا لبطانة الأمعاء، ويجعلها عاجزة عن امتصاص بعض العناصر الغذائية.

يُؤدي سوء امتصاص الأطعمة إلى حدوث نقص في الفيتامينات الضرورية لعمل الدماغ، والجهاز العصبي، والعظام، والكبد وأعضاء أساسية أخرى، ما يؤدي إلى حدوث خلل في وظائف هذه الأعضاء، كما قد يسبب الإصابة ببعض الأمراض.

أعراض الداء الزلاقي
قد لا تظهر أية أعراض على الشخص المصاب بالداء البطني، أو قد تكون الأعراض التي يعاني منها المريض مشابهة لأعراض ترافق أمراضًا أخرى، مثل: القولون العصبيّ، وفقر الدم (Anemia)، والعدوى الطفيلية، والاضطرابات الجلدية، واضطرابات الجهاز العصبي.

  1. أعراض الداء البطني
    قد تشمل أعراض الداء البطني ما يأتي:

الإسهال.
آلام البطن.
الانتفاخ.
الضيق والاكتئاب.
فقر الدم.
تهيج المعدة.
آلام في المفاصل.
تشنجات عضلية.
طفح جلدي.
تقرحات في الفم.
مشاكل في الأسنان أو في العظام.
خدر في الساقين ناتج عن الاعتلال العصبي (Neuropathy).
فقدان الوزن.
الشعور بالتعب والضعف.
براز رمادي ذو رائحة عفنة وقد يحتوي على مواد دهنية.
تأخر النمو لدى الأطفال.
تخلخل العظام.
فقر الدم.

  1. متى يجب استشارة الطبيب؟
    يجب استشارة الطبيب بشكل فوري في العديد من الحالات كما يأتي:

ظهور أحد الأعراض التي تميز الداء البطني.
إصابة أحد أفراد العائلة بالداء البطني.
ظهور بعض الأعراض على الشخص، مثل ما يأتي:
شحوب اللون.
علامات الضيق وعدم الراحة.
تأخر في النمو.
انتفاخ البطن واستدارتها.
من المهم مراجعة الطبيب قبل اتخاذ قرار بشأن تغيير النظام الغذائي واستبداله بنظام خال من الغلوتين، إذ أن هناك العديد من الأمراض الأخرى التي تسبب أعراضًا كهذه.

أسباب وعوامل خطر الداء الزلاقي
تغطي بطانة الأمعاء الدقيقة نتوءات رقيقة تشبه الشعيرات تسمى الزغابات المعويّة (Intestinal villus)، وتكون مسؤولة عن امتصاص الفيتامينات والمعادن والمركبات الغذائية الأخرى التي يكون مصدرها من الطعام الذي يتناوله الإنسان.

بدون هذا الزغب تصبح بطانة الأمعاء الدقيقة أشبه بأرضية ملساء، ويسبب ذلك فقدان القدرة على امتصاص مركبات الغذاء الأساسية والضرورية لعملية النمو وتأدية الأعضاء وظائفها بشكل سليم، في مثل هذه الحالة تخرج المركبات الغذائية الأساسية والضرورية، مثل: الدهنيات، والبروتينات، والفيتامينات والمعادن من الجسم مع البراز.

أسباب الداء الزلاقي
لا يوجد مسبب واضح للداء البطني، لكن هناك عوامل تزيد من احتمالية حدوث، نذكر منها ما يأتي:

العامل الوراثي
​يعد العامل الوراثي أحد الأسباب المرجحة خصوصًا إذا كان أحد أفراد العائلة مصابًا بالداء البطني، إذ تتراوح احتمالية الإصابة بالداء البطني ما بين 5% – 15%.

صدمة أو إصابة
​في معظم الحالات ولأسباب غير واضحة تمامًا يظهر الداء البطني بعد نوع معين من الصدمة (Trauma) والتي يمكن أن تشمل ما يأتي:

العدوى.
إصابة جسدية.
ضغط نفسي إثر الحمل.
ضغط نفسي حاد.
الخضوع لعملية جراحية.
الإصابة ببعض الأمراض
بالرغم من أن الداء الزلاقي قد يصيب أي إنسان، إلا أن احتمالية الإصابة بهذا المرض يكون أكبر لدى الأشخاص الذين يعانون من بعض الأمراض كما يأتي:

مرض السكري من النوع الأول.
مشكلات في عمل الغدة الدرقية.
التهاب القولون المجهري (Microscopic colitis).
جينات معينة
​يوجد مجموعات معينة من الجينات، مثل: HLA – DQ2، وDQ8 على علاقة مباشرة مع ازدياد خطر الإصابة بالداء البطني، كما أنه قد يكون هناك جينات أخرى مسؤولة عن الإصابة بالمرض.

مضاعفات الداء الزلاقي
إذا لم تتم معالجة الداء البطني، فقد يؤدي ذلك إلى ظهور العديد من المضاعفات كما يأتي:

سوء التغذية (Malnutrition)
يُعد سوء التغذية أحد المضاعفات الناتجة عن الداء البطني، وذلك بسبب النقص في امتصاص الغذاء على الرغم من اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن؛ وذلك لأنه لا يتم امتصاص العناصر الغذائية في الأمعاء الدقيقة إنما تخرج مع البراز.

يؤدي سوء الامتصاص أيضًا إلى نقص في الفيتامينات والمعادن، مثل: فيتامين ب 12 (Vitamin B12)، وفيتامين د (Vitamin D)، وحمض الفوليك (Folic acid)، والحديد (Iron) ممّا يؤدي إلى فقر الدم وفقدان الوزن.

انخفاض كثافة العظام
​يسبب الفقدان الدائم للدهنيات التي تخرج عن طريق البراز إلى فقدان كميات كبيرة من الكالسيوم وفيتامين د، ممّا يؤدي إلى خلل في أنسجة العظام أو ما يسمى ترقق العظام (Osteomalacia)، والذي يؤدي إلى تخلخل العظام (Osteoporosis) وجعلها أكثر عرضة للكسر.

إضافة إلى ذلك يؤدي عدم امتصاص الكالسيوم إلى ظهور نوع معين من حصى الكلى (Oxalate stones).

حساسية اللاكتوز
​يحدث خلل في امتصاص بعض المركبات نتيجة للضرر الذي يسببه الغلوتين في جدار الأمعاء الدقيقة، ما يؤدي إلى ظهور أعراض مختلفة، مثل: آلام في البطن، والإسهال.

يعاني بعض مرضى الداء البطني من فرط الحساسية لسكر الحليب (Lactose) الموجود في منتجات الحليب، وفي مثل هذه الحالة يجب على المريض الامتناع كليًا أو التخفيف من تناول المأكولات والمشروبات التي تحتوي على اللاكتوز إضافة إلى الامتناع عن تناول الأطعمة التي تحتوي على الغلوتين.

عندما تتعافى الأمعاء الدقيقة قد يتمكن بعض المرضى من تناول المنتجات التي تحتوي على اللاكتوز، بينما يعاني البعض الآخر من الحساسية المفرطة للاكتوز حتى بعد علاج الحالة.

السرطان
​يعد مرضى الداء البطني الذين لا يستطيعون الالتزام بنظام غذائي خالٍ من الغلوتين أكثر عرضة للإصابة بالسرطان، وخاصة سرطان الأمعاء ولمفومة الجهاز الهضمي.

مضاعفات عصبية
​تبين أن للداء البطني علاقة بظهور اضطرابات في الجهاز العصبي، مثل: نوبات الصرع (Epilepsy)، وأضرار تصيب جهاز الأعصاب المحيطية (Peripheral neuropathy).

تشخيص الداء الزلاقي
من الملاحظات الهامة فيما يتعلق بتشخيص الداء البطني ما يأتي:

يصعب تشخيص الداء البطني، ويرجع ذلك إلى وجود العديد من الأمراض الأخرى التي تشترك مع الداء البطني في الأعراض.
تتوافر اليوم فحوصات دم خاصة تساعد في تشخيص الداء البطني لدى الأشخاص الذين يعانون من أعراض طفيفة وحتى أولئك الذين لم تظهر عليهم أية أعراض.
يكون لدى مرضى الداء البطني مستويات مرتفعة من الأجسام المضادة للجلوتين (Antigliadin antibodies)، والأجسام المضادة لألياف باطن العضلات (Anti – Endomysium)، والأجسام المضادة لأنسجة الجلوتامينامين (Anti Tissue Transglutaminase).
تشكل الأجسام المضادة جزءًا مهمًا من الجهاز المناعي، إذ تمنع دخول أجسام غريبة إلى أعضاء الجسم.
يتعرف الجهاز المناعي لدى مرضى الداء البطني على مادة الغلوتين باعتبارها مادة غريبة فيقوم بإنتاج كميات كبيرة من الأجسام المضادة للتخلص من مادة الغلوتين.
يمكن الكشف عن المستويات المرتفعة من هذه الأجسام المضادة عن طريق إجراء فحص خاص للدم، من أجل التعرف على الأشخاص الذين لديهم احتمالية للإصابة بالداء البطني.
يتم تأكيد تشخيص الداء البطني من خلال إجراء فحص مجهري لعينة من نسيج الأمعاء الدقيقة لفحص ما إذا كان قد حصل أي ضرر للزغابات التي تغطي جدار الأمعاء الدقيقة، وذلك من خلال إدخال أنبوب دقيق ومرن (Endoscope) عن طريق الفم إلى المريء والمعدة والأمعاء الدقيقة، ثم أخذ عينة من جدار الأمعاء الدقيقة لفحصها.
علاج الداء الزلاقي
لا يمكن الشفاء من الداء البطني، لكن يمكن السيطرة على المرض من خلال الالتزام بنظام غذائي مناسب، وتجنب تناول الأطعمة التي تحتوي على الغلوتين.

يبدأ الالتهاب الناشئ في الأمعاء الدقيقة بالتراجع خلال بضعة أسابيع، كما يبدأ الشعور العام بالتحسن خلال بضعة أيام من بدء التغيير في النظام الغذائي.

إذا كانت النواقص الغذائية حادة، فقد يحتاج المريض إلى تناول بدائل غذائية تحتوي على فيتامينات ومعادن وفقًا لتوصيات الطبيب المعالج أو أخصائي التغذية.

قد تستغرق عملية شفاء جدار الأمعاء والزغب المعوي الذي يغلفه بضعة أسابيع لدى المرضى الشباب، وسنتين إلى ثلاث سنوات لدى كبار العمر.

أنواع الأطعمة التي يجب تجنب تناولها
يجب تجنب العديد من أنواع الأطعمة مثل ما يأتي:

السميد.
القمح.
الشعير.
الشوفان.
البرغل.
الحنطة السوداء.
الحنطة المجروشة.
ماذا يحدث عند تناول مريض الداء البطني أطعمة تحتوي على الغلوتين؟
إذا تناول مريض الداء البطني عن طريق الخطأ طعامًا يحتوي على الغلوتين فقد يعاني من آلام في البطن وإسهال، وقد لا يشعر بعض المرضى بهذه الأعراض، لكن هذا لا يعني بأن الغلوتين لا يؤثر على عمل الجهاز الهضمي لديهم.

يتعافى معظم المرضى الذين يلتزمون بنظام غذائي خال من الغلوتين بشكل تام، وفي حالات نادرة تكون الأمعاء الدقيقة قد أصيبت فيها بأضرار جسيمة غير قابلة للعلاج.

في حال فشل النظام الغذائي الخالي من الغلوتين في السيطرة على الداء البطني يتم الانتقال إلى المعالجة الدوائية، وذلك من خلال تناول أدوية تهدف إلى مساعدة الجسم في السيطرة على التهاب الأمعاء الدقيقة والسيطرة على الأعراض الناتجة عن سوء امتصاص الغذاء.

الوقاية من الداء الزلاقي
في الواقع لا يوجد طرق واضحة يمكن من خلالها الوقاية من الإصابة بالداء الزلاقي، وذلك لأنه قد ينتج عن العديد من الأسباب