التدخين.. حوار اختياري مع الموت
هناك ما يقارب 6 ملايين شخص هم ضحايا التدخين سنويا، وأكثر من 600 ألف منهم هم من غير المدخنين الذين يلقون حتفهم سنويا جراء استنشاق دخان التبغ غير المباشر. وتوقعات بأن يحصد الوباء أرواح ما يزيد على 8 ملايين شخص سنوياً بحلول العام 2030 ما لم تتخذ إجراءات للتصدي لاستفحال ظاهرة التدخين في جميع بلدان العالم. هذه التوقعات – حسب احصائيات احدى المنظمات الدولية – بينت ايضا أن اكثر من 80 بالمئة من هذه الوفيات تقع بين أشخاص يعيشون في بلدان منخفضة الدخل وأخرى متوسطة الدخل.
في العراق يزداد عدد المدخنين بشكل مخيف، خصوصا بعد ان ازدادت محال بيع التبوغ بأنواعه المختلفة وخلطاته المتنوعة واغلبها ياتي من مصادر مجهولة وتباع باسعار رخيصة، فالقانون يبيح تجارة التبغ ويفتحها على مصراعيها، واغلب المحال والمقاهي لا تحتاج الى اية موافقة لممارسة التدخين، وهناك عشرات الانواع من علب السجائر وعلب تبغ (النركَيلة) تحمل تقليدا لماركات عالمية لذلك تباع باسعار قليلة لكنها تحوي اردئ انواع التبوغ وتضاف لها المواد الكيمياوية والمطيبات التي تستهوي آلاف الصبية والشباب ممن انتظموا على تعاطيها مساء كل يوم في مقاه ومحال اصبحت مخصصة للتدخين فقط، كما ان التدخين في الاماكن العامة وسيارات الاجرة وحتى بعض المؤسسات الحكومية اصبح ظاهرة شائعة ولا يمكن لأحد أن يطلب من المدخن ان يطفئ سيجارته بالرغم من تجاوزه للذوق العام، فلا قانون يلزمه بذلك رغم تحريمه من قبل بعض العلماء نحت عنوان ما يلحق الضرر بالمدخن والاخرين.
التاثير الصحي الضار
أن اهم مضار التدخين على الصحة العامة يتمثل “بان التدخين هو سبب رئيس للكثير من الأمراض التي تؤدي إلى الموت وكثير منها لها علاقة بأمراض القلب، فمادة التبغ تحتوي على أخطر ثلاثة مركبات وهي (النيكوتين, القطران او التار, وأول أوكسيد الكربون)، فالنيكوتين هو العنصر الأساسي المسبب لإدمان التبغ لانه يحفز علي إفراز الابنفيرين والأدرينالين في دم المدخن وبذلك يجعل القلب مجهدا لانه سيعمل بشكل اقوى وهذا ما يفسر سبب ارتفاع ضغط الدم عند المدخنين بسبب تضييق الأوعية الدموية بما فيها الشرايين التاجية حيث يستولي النيكوتين على الدم المخصص للقلب، أما القطران في التبغ فيسبب أمراضا مزمنة في الجهاز التنفسي بسبب تراكم الصبعات الكيمياوية وهو أيضا مسبب رئيس لسرطان الرئة، اما أول أوكسيد الكربون فينتقل من الرئة إلى مجرى الدم حيث يختلط بالهيموجلوبين ويقلل من كمية الأوكسجين الموجودة في خلايا الدم الحمراء وبالتالي يؤدي الى تدمير الخلايا المبطنة للأوعية الدموية ما يسبب مرض تصلب الشرايين “.
على المدى الطويل يؤدي الى زيادة تاى الإصابة بالأزمات القلبية، كما ان التدخين له علاقة كبيرة بتصلب الشرايين عن طريق خفض (HDL) بارتفاع نسبة ثلاثي الجليسريد (الدهون) التي تسبب تجلط الدم”، كما ان “الخطورة تصل الى 30% عند استنشاق دخان السجائر من قبل غير المدخنين المتواجدين في البيئة المغلقة كالبيت والدائرة والسيارة وهو التدخين السلبي الذي يتسبب في موت الآلاف كل عام بأمراض القلب بسبب تأثيره على القلب والأوعية الدموية ويمكن أن يؤدي إلى نتائج خطيرة مثل الذبحة الصدرية وذلك لأن النيكوتين في السجائر يرفع ضغط الدم لدى المدخنين أو غير المدخنين الذين يستنشقون دخان السجائر
التثيرات الضارة الاخرى هي حصول التجاعيد المبكرة بسبب المواد السامة في الدخان اللذي له
تأثير على نضارة جلد الانسان، ملان هناك اكثر من 400 مادة سامة، يتم امتصاص معظمها بشكل مباشر في مجرى الدم ومنها إلى خلايا الجلد، فتقلل من كفاءة وظيفة الجلد في تجديد خلاياه تلقائياً، لأن التدخين يعمل على (تضييق) الأوعية الدموية في الطبقة العلوية من الجلد فتقلل من كمية الدم، والنقص في كمية الدم يؤدي إلى نقص في كمية الأوكسجين اللازمة لجميع الخلايا الحية وتجديد الخلايا الميتة والتخلص من الفاسد منها، كما يسبب نقص الدم والأوكسجين قلة معدلات الكولاجين في الجلد، الذي يؤدي إلى نتيجة حتمية أخرى تتصل بالتئام الجروح بشكل أبطأ أو غير تام”،
علاوة على ما تقدم فالتدخين والمركبات السامة التي فيه تتسبب في التهاب اللثة والحنجرة والشفتين والاسنان مما يشوه منظر وزيادة تسوس وتلف الاسنان والتهابات البلعوم او الحنجرة التي تنتهي بسرطان هذه الاجزاء والرئتين التي تصبح قطعة اسفنجية داكنة عدا الرائحة الكريهة التي تنعكس على شخصية المدخن اجتماعيا وبما يخالف الذوق العام خاصة اذا كان المدخن مدمنا فيصبح انانيا ولا يهمه من يجلس او يحيط به مما يجعل افراد اسرته او معارفه يتضايقون منه اثناء التدخين وهو ما يؤدي الى مخاطر المدخنين على الجو الاسري وما يمكن ان يسببه من مشاكل صحية ونفسية يمكن ان تؤدي الى حدوث تنافر بين افراد العائلة الواحدة، كما ان الخطر سيداهم الأطفال والشباب الذين يعيشون في جو المدخنين لأنهم عرضة ليس فقط لأن يكونوا مدخنين بحكم عادة التقليد ولكنهم عرضة أيضا للمضار والأخطار الصحية التي تنتج عن التدخين بسبب استنشاقهم الدخان من المحيطين بهم كما أن الأطفال أو المراهقين ممن، يقلدون آباءهم وأمهاتهم في عادة التدخين يتعلمون تعاطي بعض العقاقير والمخدرات والجنوح نحو عالم مظلم يسهم في شيوع ظاهرة اخرى هي التفكك الاسري.
أن تقليل التاثير الضار للتدخين يجب ان يشمل برامج متكاملة تتمثل بتبني حملة توعية كبيرة تنفذها المؤسسات الصحية والتربوية لمكافحة التدخين باشكاله المختلفة والتحذير من مخاطره الكارثية، ووضع القوانين والتشريعات التي تخضع استيراد السكائر الى ضرائب كمركية عالية والتاكد من شهادة المنشأ وحقيقة الماركات التي تحملها بالاضافة الى ان يكون هناك تحذيرات على كل علبة سكائر عن ضرر التدخين ومنع التدخين في الاماكن المغلقة الا في اماكن معزولة لهذا الغرض وبمسافات بعيدة عن مداخل الابنية عدم السماح ببيع السكائر لمن هو دون سن الثامنة عشر.“.