التلوث بالمبيدات الكيميائية

مقدمة :
لم تعد الفواكه والخضروات التي نتناولها بنفس الطعم والرائحة وحتىاللون بعضها أصبح لونه مبالغ فيه والآخر مختلف وليس ذلك فحسب بل إن بعض المنتجاتالزراعية أصبحت تظهر في الأسواق في مواسم غير مواسمها.ذلك هو رأي المستهلكأي المواطن الإنسان ارقي مكونات البيئة الحية والسبب يعود إلى التلوث الغذائيللمنتجات الزراعية وغيرها من المصادر الغذائية الأخرى الذي أصبح في معظمه مؤديللتسمم فالتسمم لا يقتصر على التسمم المباشر أو الأعراض المباشرة والظاهرة بل يشملالتسمم البطيء أو الإتلاف البطيء للمكونات البيولوجية وكذا يشمل الأعراض المؤجلةالتي تؤدي إلى ظهور الأمراض المفاجئة بعد حين من الزمن. إن تغير لون وطعمورائحة المنتجات الزراعية ناتج عن استخدام الكيماويات من مبيدات وصبغيات عندزراعتها وجنيها بل إن استخدام الأسمدة بكميات تجارية وتحويل الأرض الزراعية إلىمستودع للسماد الكيماوي هو ما يلوث هذا المنتجات الزراعية بل ويفقد التربة خصوبتهاوكل تلك الملوثات التي هي من أسباب ومصادر التلوث الغذائي الكيميائي والذي يشملالتلوث بالا سمده والإشعاع والغبار الحامل للعناصر الكيميائية الضارة بالإنسانوالكائنات الحيوانية الأخرىلقد أدت الإضرار الكيماوية بالمنتجات الزراعية إلى ظهور علم من العلوم الطبيةيعرف باسم (علم السرطان البيئي) وحتى لا نعدد الفجائع ألمقلقه والخطيرة بصحةالإنسان فإننا سنتطرق هنا بشكل موجز وسريع للتسمم الغذائي للمواد الزراعية للمنتجاتالزراعية بالمواد الكيميائية والتي تستخدم وللأسف في بلادنا بشكل مخيف جداً إلى حداكبر من القول حيث كثر استخدام أنواع عديدة ومتعددة من المبيدات الحشرية الكيماويةالخطرة والمحرمة دولياً في زراعة المنتجات التي نتناولها هذا بالإضافة إلى كيماوياتأخرى تستخدم كمنضجات سريعة وصبغيات تستخدم لإضفاء الألوان الجذابة للمنتجاتالزراعية وكذا أعطاها لمعان وبها اصطناعيين كما أن هناك أنواع أخرى من الصبغياتالكيميائية التي تستخدم للإسراع في زراعة ونمؤ المحاصيل الزراعية وإنتاجها السريعبكميات وفيرة.. تسبب الفطريات و البكتريا و الحشرات المختلفة العديد من المخاطر للمحاصيل الزراعية و من ثم تنتقل هذه المضار و الآفات إلى الحيوان و الإنسان، مع إن هناك العديد من الحشرات و البكتريا و الفطريات ذات فائدة كبيرة للكائنات و النظام البيئي.كما انه بلا شك ساعدت المبيدات الحشرية بالقضاء على كميات كبيرة من المشاكل التي تحدث بواسطة الحشرات ، و لكن بعد تراكم هذه المبيدات في أنسجة الكائنات أصبحت هذه المبيدات مشكلة تواجه العالم بأسره حيث ظهر بشكل كبير تأثيراتها السلبية المختلفةمن المبيدات المعروفة.

مبيدات الهيدروكربون الكلورينديه:Chlorinated Hydrocarbons

لقد قام العلماء بتركيب العديد من المبيدات المختلفة و المحتوية على الكربون و الهيدروجين و الكلور لذا سميت هذه المركبات بـ Chlorinated Hydrocarbons و التي منها D.D.T و الالدرين Aldrin و كلوردان Chlodane وغيرها لكن تبين بعد فترة مشاكلها و التي منها:

1-     ذات سمية عالية : هذه المركبات ليست ذات سمية اختيارية بالتالي فقد أثرت على الكائنات النافعة من اسماك وطيور و غيرها و من الأمثلة على ذلك في ولاية Illinois في الولايات المتحدة الأمريكية استخدمت هذه المركبات للقضاء على الخنفساء اليابانية التي كانت تزحف نحو الغرب مما سبب موت العديد من الطيور المهاجرة و هجرة الباقي و موت 90% من قطط المزارع كما تسممت العديد من المواشي و الأرانب، كذلك وجد إنها تقضي على الحشرات المفترسة و التي تتحكم في أعداد الحشرات الضارة، بالإضافة إلى التراكم في أنسجة الكائن الحي مما يؤدي إلى تدمير النسيج تشريحياً و وظيفياً.

2-     بطيئة التفكك: كثير من المواد لها القابلية على التفكك الحيوي بينما المبيدات التي تم تصنيعها ذات معدل تفكك بطيء جداً من 10 – 15 سنة مما يجعلها تبقى سامة كل تلك المدة ، و تكمن المشكلة إن رش المبيدات تقريباً كل سنة .

3-     تنحل في الدهن : أي تكون مركبات مع الدهن و هذا يجعل الكائنات التي يترسب في أنسجته معرض للموت عندما يتغذى على هذا الدهن مثل الطيور المهاجرة عندما تحرق الدهن المخزن للطاقة.

أهم المشكلات التي تحدثها المبيدات الكيميائية

1-     تأثيرها على النبات: وجد إن استعمال المبيدات الحشرية قد تؤدي أيضا بتأثير سلبي على النباتات من ناحية تغير لون الورق أو شدة النتح و التأثير على عملية البناء الضوئي، فعلى سبيل المثال المبيدات العشبية استعملت لإبادة الأعشاب الضارة على جوانب خطوط السكك الحديدية و الطرق العامة وتسلك هذه المبيدات طريقين في الأثر

أ‌-        إعاقة البناء الضوئي

ب‌-     تساقط الأوراق من خلال موت الخلايا حول عنق الورقة

2-     تأثيرها على الإنسان: من الممكن أن تسبب المبيدات أعراض مرضية عديدة منها تأثيرها على الجهاز العصبي و كذلك السرطان و خاصة الكبد و تأتي من خلال التراكم في النباتات ثم الحيوانات ثم الإنسان.

3-     تأثيرها على الأسماك و الطيور : وجد في بحيرة Big Bear في كاليفورنيا أن تركيز الـD.D.T في الماء 0.015جزء في المليون بينما في بعض الأسماك و جد 0.94 جزء في المليون و في طائر يتغذى على الأسماك وجد 3.91 جزء في المليون في حين غراب الماء و الذي يتغذى على الأسماك المفترسة وجد 26.4 جزء في المليون.

4-     التأثير على الحشرات النافعة: حيث أن المبيدات الكيميائية لا تميز بين الكائنات الضارة و النافعة وتؤدي إلى موت الحشرات النافعة مما يسبب خللاً في التوازن البيئي الطبيعي في البيئات و من ثم يؤدي إلى انتشار الحشرات الضارة و تزداد فيها أيضا التراكم من خلال التغذية على النباتات الملوثة بالمبيد.

5-     تأثيرها على التربة: يصل المبيد إلى التربة بعد الرش مما يؤثر على تركيب التربة و الكائنات الموجودة فيها من بكتريا مثبتة للنيتروجين و احتمالية وصولها إلى المياه الجوفية مع الأمطار و انجراف التربة.

مقاومة الحشرات الضارة للمبيدات الكيميائية

أصبحت الحشرات مقاومة للمبيدات بشكل كبير و أصبحت تقاومه من خلال

1-     انخفاض سرعة نفاذ المبيد إلى داخل جسم الحشرة ، حيث تعمد الحشرات إلى التكيفات التي تحد من دخول المبيد إلى جسم الحشرة من خلال الجليد و الفم و الجهاز التنفسي.

2-     سرعة إفراز المبيد من الجسم : حيث تتمكن بعض الحشرات من اخرج كمية من المبيد من الجسم في حالة ارتفاع نسبته

3-     تخزين المبيد في أنسجة غير حساسة: حيث وجد إن بعض الحشرات تخزن D.D.T في الأنسجة الدهنية بدلاً من الأنسجة الحساسة.

4-     تفكيك جزيئات المادة السامة أو إزالة مفعولها: من خلال عمليات البناء أو الهدم بحيث تحوله من مادة سامة إلى مادة غير سامة

المكافحة البولوجية

تعريفة : هي مجموعة من الطرق تستدعي استعمال كائنات حية في سبيل خفض نسبة الأضرار التي تسببها كائنات حية أخرى ضارة بالإنسان أو الحيوان أو المحاصيل.

مثال / استوردت الولايات المتحدة الأمريكية حشرة أبو العيد لمقاومة البق الدقيقي الاسترالي المتطفل على أشجار الحمضيات في ولاية كاليفورنيا

من أساليب المقاومة البيولوجية

1-     استعمال الحشرات المفترسة و الطيور و غيرها

2-     استعمال الكائنات المتطفلة كالبكتريا و الفيروسات و الفطر

3-     استعمال المواد الجاذبة أو الطاردة

4-     تعقيم الحشرات الضارة ( تعطيل الجهاز التناسلي )

5-     استعمال الهرمونات ( توضع الهرمونات لتجعل اليرقة تستمر في الانسلاخ و عدم الوصول إلى العذراء )


مصادر تلوث البيئة بالمبيدات الحشرية الكيميائية:
تتعدد مصادر تلوث البيئة في البلدان النامية المستوردة لتلك المبيدات، وسوف نحصر أهمها في النقاط التالية :
1- استخدام وتداول المبيدات عشوائياً
2- المبيدات المحظور استخدامها محلياً ودولياً
3- الحالات الطارئة أو المفاجئة : هي الحالات التي يتم فيها انتشار المبيدات في البيئة حال حدوث انفجارات أو انتشار أو تسرب للمبيدات من مصانع إنتاجها ومراكز تخزينها ،
4- المبيدات القديمة : كمبيدات مكافحة الجراد الصحراوي والتي بقيت بعض الكميات منها بدون استخدام، وذلك نظراً لانحسار حالة الجراد الصحراوي في المنطقة العربية

ملوثات البيئة بالمبيدات الكيميائية الحشرية :
كثرت في السنوات الأخيرة الحوادث الناتجة عن التلوث خاصة بالملوثات الكيميائية، كما كثر أيضاً إلقاء النفايات الكيميائية والمواد المشعة والمعادن ومخلفات مصانع إنتاج المبيدات الحشرية ملوثة بذلك التربة والمياه في دول العالم ، وقد أدى ذلك إلى تلوث خطير للغذاء الذي نتناوله والماء الذي نشربه والهواء الذي نتنفسه والتربة التي تزرع ونأكل خيراتها إلى غير ذلك من مقومات الحياة الضرورية التي يمكن أن تتعرض للخطر. ونستعرض هنا أهم ملوثات البيئة، وهى على النحو التالي :
1- تلوث الغذاء بالمبيدات الحشرية.
2- تلوث الماء بالمبيدات .
3- تلوث التربة بالمبيدات الحشرية .

تسمم الإنسان وحيوانات التجارب بالمبيدات الحشرية :

قام أحد الباحثين في الولايات المتحدة الأمريكية بتجربة تؤكد خطر التسمم بالمبيدات. وكان قد غمس الباحث يديه في محلول الـ د.د.ت ثم ترك المحلول يتبخر من بين يديه فظهرت أعراض التسمم بعد عشرة أيام، وهى إحساسه بثقل في الأطراف و رجفان واعترته حالة من الانحطاط والأرق، ولم ينج من هذه الأعراض إلا بعد عدة شهور،وقد أشارت العديد من الدراسات إلى أن جميع المزارعين يستخدمون المبيدات الكيميائية الحشرية بمختلف الأنواع على الخضار والفواكه، ويقطفونها قبل فترة الأمان المسموح بها، ووجد أن 50% من العينات التي درست بها الأثر المتبقي من المبيد أكثر من المسموح به ، والتي تقدر بحوالى 1 ملجم/كجم،
و من خلال التجارب العلمية التي أجريت تأكد أن المبيدات الحشرية من أهم الملوثات الكيميائية والمسببة للسرطان

تأثير المبيدات الحشرية على البيئة :
جميع الدراسات العلمية أشارت إلى خطر التسممات الناشئة عن المبيدات الحشرية وتأثيرها على تلوث البيئة حيث تعتبر المبيدات الحشرية كغيرها من المركبات الكيميائية غريبة على البيئة فتؤثر فيها، وتتأثر بمكوناتها من خلال المسارات التي تسلكها في الوسط البيئي. ويمكن تلخيص أهم هذه المسارات على النحو التالي :
1- تؤدى عمليات الرش باستخدام أجهزة الرش المختلفة إلى انتشار المبيد الحشري إلى مسافات تتعدى كثيراً المواقع المطلوب رشها، وينتشر الرذاذ الناتج عن الرش في الهواء الجوى قبل أن يتسرب مع الغبار أو الأمطار على النباتات والتربة والماء.
2- إن ما يتساقط من رذاذ على أسطح النباتات سرعان ما يتطاير ليسقط على التربة وبالعكس فإن ما يتساقط على سطح التربة عرضه للتطاير وتلويث سطح النباتات، وفى كلتا الحالتين يتبخر جزء من الرذاذ ليلوث الهواء، ويعتمد تلويث الهواء بالمبيدات على الضغط البخاري للمبيد، ودرجة ذوبانها بالماء، ومقدرة التربة للاحتفاظ به .
3 – تتأثر البيئات المائية بالمبيدات من خلال تساقط رذاذها وترسباتها بفعل الأمطار ومياه الري ومياه الصرف الصحي فتصل المبيدات إلى الأنهار أو المحيطات، وتؤثر على الكائنات الحية فيها، كالقشريات والأسماك الصغيرة، و هي أيضاً بدورها تصبح غذاء للأسماك الكبيرة والطيور التي تشكل جزءً رئيسياً لغذاء الإنسان، وهكذا تنتقل المبيدات إلى الإنسان على قمة الهرم الغذائي!!. .

تأثير المبيدات الحشرية على التوازن الطبيعي بين الحشرات الضارة وأعدائها الطبيعية:
أدى الاستخدام العشوائي للمبيدات الكيميائية الحشرية وغيرها إلى إعطاء الفرصة للكثير من الآفات الحشرية الضارة والثانوية داخل البيئة أن تتكاثر، وتنتشر بسرعة مما أدى إلى زيادة خطورتها نتيجة للخلل الذي أصاب التوازن البيئي الطبيعي، ونتيجة للقضاء على مختلف الحشرات النافعة مثل المفترسات والطفيليات الحشرية والطيور كالأسماك والفطريات والجراثيم والفيروسات (ميكروبات ممرضة تصيب الحشرة بأمراض منها ما هو بكتيري أو فطرى أو فيروس)، وجميعها تعمل بقدر كبير في مجال المقاومة البيولوجية، ولا تتدخل في التوازن الطبيعي للكائنات، وليس لها أي مضار بالكائنات والحيوانات المفيدة، ولا توجد منها خطورة على الإنسان أو ممتلكاته، وهى قليلة التكاليف .
وأما المبيدات الكيميائية الحشرية المستخدمة بدون استثناء فهي عبارة عن مركبات سامة تتفاوت سميتها تبعاً لنوعها وتركيبها ولها أضرار كبيرة خطيرة ومدمرة إن لم يكن هناك دقة في اختيار أنواعها، ووعى كامل لاستعمالها ففي اليمن مثلا أدت الآثار السلبية لها إلى ظهور سلالات من الآفات الحشرية مقاومة للمبيدات، ومن بين هذه الآفات التي سجلت مقاومة للمبيدات الحشرية حشرة من القلف الأسود، والتي تصيب أشجار اللوزيات، والتي تسببت في تلف الكثير منها بالرغم من استخدام أنواع مختلفة من المبيدات وبتراكيز عالية وعلى فترات زمنية متقاربة، مما زاد فداحة المشكلة على البيئة، وقد يرجع ذلك الخلل في التوازن البيئي، وإلى الإفراط العشوائي في استخدام المبيدات التي تسببت في القضاء على الكثير من الأعداء الطبيعية للآفات الحشرية .

الوسائل البديلة للمبيدات الكيميائية وطرق خفض استخدامها وتأثيرها في البيئة:
أولا : تطور المبيدات الحشرية والأساليب البديلة لمكافحة الحشرات:
ويمكن استعراض الوسائل البديلة والأساليب المختلفة لمكافحة الآفات الحشرية فيما يلي:
1. المكافحة الميكانيكية.
2. المكافحة الطبيعية.
3. الطرق الزراعية
4. إتباع الوسائل التشريعية لحماية للثروة الزراعية ومنع تسرب الآفات الحشرية والأمراض الزراعية إلى البلاد وكذلك للحد من انتشار أي آفة تكون قد دخلت.
5.منع تكاثر الآفة الحشرية عن طريق التعقيم بالإشعاع :